Menu
صرخة من «منتجع البركسات» في نهر البارد!!

صرخة من «منتجع البركسات» في نهر البارد!!

قــــاوم- قسم المتابعة : بركسات الحديد.. علب السردين.. أفران الموت.. مستوعبات بشرية.. حاويات بشرية.. لا تليق لحياة آدمية.. لا تصلح للبشر.. برادات الشتاء.. أوصاف وتسميات ونعوت اطلقت على هذه «المساكن» القسرية والمؤقتة التي أصبحت دائمة بحمد الله وشكره على البلوى، والشكوى لغير الله مذلة، وبفضل قياداتنا التي ما قصرت يوماً في التذكير بهذا الألم والمعاناة التي نعيشها في أفران الموت هذه. فمنذ إقامتنا الجبرية بهذه المستوعبات اللا بشرية. وقيادتنا الحكيمة والعظيمة التي ما تركتنا يوماً وما تركت مناسبة إلا وذكرت الجميع في هذا العالم، عبر الإعلام والصحف والإنترنت والموقع الالكترونية وكل ما استطاعت الوصول إليه من وسائل المرئي والمسموع، وما تركت من اعتصام أو مناسبة محلية وغير محلية إلا تكرمت علينا بذكر بركساتنا العزيزة والتي ألفناها وألفتنا بعجرها وبجرها، وأصبحت جزءاً من حياتنا، إن بقي لنا عمرٌ نعيشه. «سكنٌ مؤقت» هكذا قيل لنا (يذكّر هذا المؤقت بمؤقت النكبة الذي قيل إنه أسبوعين فامتدّ لأكثر من ستين سنة حتى الآن). ويقال إن السنة الرابعة تمرّ وما زلنا –في هذا المؤقت- ننعم كل يوم بروائح العطور تزكم أنوفنا التي لم تعد تشمّ سوى روائح البيع والشراء للذمم والأخلاق والمصالح. لم نعد نكترث لضيوف الليل (الجرذان) تتسلل علينا، وكأنها أصبحت من حواضر البيت وساكنيه، اعتدنا عليها واعتادت علينا، ولم يعد ينفع معها سوى التآلف. لقد كبرت وسمنت والفضل يعود لقسم الصحة في الأونروا وتوابعه. شكونا ونشتكي، والشكوى أصبحت لغير الله أكثر من مذلة، اجتهد المهندسون في الأونروا بالتحسين تلو التحسين وأموال ترصد ومشاريع تلزّم، وكلها ترقيع بترقيع، يؤكل نصفها والنصف الآخر يُصرف على مواد دون المواصفات (حكّلّي لحكّلّك وغطيلي لغطيلك)، المتعهد واحد والرب واحد والشعب واحد، ووحدة حتى النصر. وعدونا بمراوح؟! وأصبحنا نراوح، لكن الحمد لله الكهرباء مؤمّنة على الأقل وهذه حسنة تسجل للأنروا. ومشكورين.. عم يتعبوا معنا! التوسع؟! توسّع قد ما بدك! بدك بركسين خود! ثلاثة وأربعة! ومش عاجبك الحديد روح عالباطون، وتدلل قد ما بدك. الزوّار؟! الحمد لله لا نشعر بالغربه فالزوار كثر، والوفود ما شاء الله، وفد رايح ووفد جاي، وعلى قولة غوار الطوشة «صرنا فرجه»، والكلّ يتفرج ويزور مقاماتنا الحديدية، ويتعاطف ويذهب. وكلما أتانا وفدٌ نقول «إجا الفرج»، بس ما عرفنا إنو فرج مات من زمان! وعود ووعود؟!، لقد سئمنا الوعود والوفود والعهود. أصبحت الثقة نادرة. لا أعرف وصفاً يليق بهذه الحاويات، ولا أجد كلاماً يصف حالتها وحالة قاطنيها. منذ فترة قصيرة هلّت علينا كهلال أول الشهر باحثة نفسية أعطتنا أوراق لمواعيد في العيادة الموقرة عيادة الأونروا (حتى يشوفو نفسياتنا)، لأن المشاكل عنا كتيرة، فأصبح أكثر زوار العيادة النفسية هم من سكان البركسات! يعني قليلة؟! الحمد لله عم يهتمّوا فينا وبنفسياتنا شو بدنا أكتر من هيك (الله يطوّل عمارهن وديارهن، ويكتّر خيرهن ومصرياتهن ويكبر.. رانجاتهن وجيوبهن حتى تِسع مصايبنا ومشاكلنا وهمومنا).. عن ماذا أتكلم وعن ماذا لا أتكلم؟ هل أتكلم عن الأمراض؟ التي تصيبنا أم عن النظافة؟ والتي من شدّة نظافة شوارعنا، كان عندنا ثلاثة عمّال نظافة صاروا بقدرة قادر واحد، تقلصوا!! أم عن الروائح المنبعثة من المزاريب والحاويات والشوارع؟ إسّا بقولولنا إنتو مش عم تنظفوا على حالكو؟ معهن حق!! قليلة يعني؟ 150 عيلة محشورين بشوية أمتار مربعة والباب عالباب والشباك عالشباك والطاقة عالطاقة لازم تكون حياتهم أفضل من هيك (يا عمي تعودوا عالمحبة وعيشو حياتكم وربوا أولادكم تربية صحية وصحيحة ملاعبهم الشوارع وحدائقهم الشوارع وسهراتهم بالحرّ بالشوارع ودراستهم بالشوارع، وشو بدكم أحسن من هيك عيشة؟ غَيض من فيض! أفاض الله على مسؤولينا وقياداتنا الحكيمة والأونروا العزيزة أدامها الله، شآبيب رحمته ونصره وعزه على ما قدموه ويقدموه لنا، لنعيش بكرامة وعزة في سكننا المؤقت حتى نعود بكرامة ورعاية وصون إلى بيوتنا في مخيمنا القديم معززين مكرّمين، والسلام على من قرأ وحزن، وعلى من قرأ وبكى، وعلى من قرأ وشتم.. والسلام على من قرع ومن دقّ جدار الخزان، ومن همس، ومن تكلم، ومن صمت، ومن لم يصمت. الصحفي زياد شتيوي/ نهر البارد المصدر/ لاجئ نت