Menu
"الحقيقة الدولية" في ضيافة مجاهدي الألوية : مرابطو الثغور .. أخطر المهمات في أصعب اللحظات

"الحقيقة الدولية" في ضيافة مجاهدي الألوية : مرابطو الثغور .. أخطر المهمات في أصعب اللحظات للدفاع عن قطاع غزة

قـــاوم- قسم المتابعة : الوصول إلى المنطقة الحدودية في ساعات النهار يكون خطيراً، ويتطلب دخول المواطنين إلى منازلهم المقابلة لمواقع جيش الاحتلال الصهيوني المنتشرة على طول حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية "حذراً " . في الليل لا يجدي الحذر كثيراً مع سكان المنازل الحدودية، إذ الخطر يكون أشد في المنطقة الحدودية المفتوحة أمام جنود الاحتلال . مع حلول الليل يخيم الظلام على المنطقة الحدودية الشرقية التي تمتد من جنوب القطاع إلى شماله على طول (50كم)، يكون على المئات من مقاتلي قوى المقاومة الفلسطينية الوصول "خفيةً" إلى مواقع الرباط المتقدمة كي لا يكتشف المقاتلون من ناحية ولا تكتشف مواقعهم من الناحية الثانية . تطلق قوى المقاومة على مقاتليها الذين يتولون حراسة الحدود في قطاع غزة مصطلح "المرابطين "، وهي تختارهم من نخبة مقاتليها المؤهلين عسكرياً، الذين يمتلكون من رابطة الجأش وقوة الشكيمة ما يساعدهم على تخطي اللحظات الصعبة في الليل البهيم، لرصد تحركات قوات الاحتلال الصهيونية من ناحية، وللتصدي لأي هجوم بري على غزة من الناحية الأخرى . يضعك منسق الجولة السريعة على موقع واحد من مواقع المرابطين في صورة الإجراءات الأمنية الواجب عليك العمل وفقها قبل البدء في جولتك " إن وافقته عليها ينقل لقيادته موافقتك لتعطي بعد ذلك قراراها بالمضي إلى المرابطين أم لا وفق تقدير الوضع الميداني، وإن أبديت فضولاً زائداً لمعرفة المزيد فمن الصعب السماح بزيارة خاطفة ". التنسيق لزيارة المرابطين في موقع واحد لا أكثر - أول الشروط - من مواقع الرباط المنتشرة على طول الحدود الشرقية الشمالية من القطاع، تزامن مع تصعيد صهيوني عنيف ضد القطاع، فكانت المهمة صعبة في ظل هكذا أجواء عسكرية " تحتم على المرابطين التركيز في مهامهم الموكلة إليهم بعناية "، ووصولك إلى الموقع يكون من خلال المقاتلين، وهناك حيث تصل يمنع السؤال عن خطوط الإمداد والتسليح، وعن خطط المواجهة على الأرض، ويمنع التصوير إلا بعد تقدير الموقف الأمني، وغيرها من شروط الموافقة " هي بمثابة عقد ملزم للطرف المعني بالمقابلات ". "لا تترك مهمة الرباط لاجتهادات المجاهدين على الأرض"، إنما تسير العملية "الرباط" وفق خطة محكمة مدروسة من قبل قيادات المقاومة الفلسطينية " يقول " أبو عطايا" الناطق الرسمي باسم ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكرية للجان المقاومة ، ويضيف " إنها خطط أعدها الخبراء وفق معطيات الواقع الميداني ". ويشير إلى أن عمل المرابطين يتم وفق تقسيمات عسكرية علمية، وتراتبية واضحة، تدل على عمل مقاوم منظم يبتعد عن العشوائية والارتجال " وهذا الترتيب جاء من فضل الله بدماء الشهداء وتضحيات الشعب الفلسطيني". تجمع عدد من المرابطين المسلحين بالرشاشات الخفيفة ومضادات الدروع حول " أبو عطايا" عند نقط الرباط الحدودية، يلبسون زيهم العسكري، ويخفون وجوههم تحت "اللثام" للحفاظ على أمنهم الشخصي، وابقاء شخصياتهم طي السرية . ويؤكد " أبو عطايا " جدوى وفاعلية الرباط المستوحى من القرآن الكريم " يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا .."، ويجزم بأنه يؤتي أكله، حيث كشف العديد من محاولات قوات النخبة الصهيونية الخاصة التسلل الى مناطق القطاع ليلاً، والى دورهم في التصدي لآليات الاحتلال المتوغلة في المناطق الحدودية، فضلاً عن رصد كل التحركات العسكرية الصهيونية على طول الحدود . وينتبه المرابطون حول " أبو عطايا" لكل حركة قادمة من كل اتجاه، ويقول " أبو محمود" : حركة المرابطين خفيفة جداً وكل حركة محسوبة على المرابط "، ويضيف " الرباط منحنا قدرات كثيرة " ويوضح، لقد نزع "الرباط" في المناطق الحدودية الخوف من قلوبنا، وشد من عزيمتنا، فضلاً عما أضافه الينا من معارف واسعة في جغرافيا المنطقة وتكتيك القتال، ناهيك عن ارتفاع درجة الإيمان وأنت على الثغور المكشوفة إلا من معية "الله " عز وجل . يقترب صوت حركة دبابات جيش الاحتلال على بعد نحو خمسمائة متر من وقوفنا ؛ أصوات تشعرك أن الدبابات متحركة تجاههك، فتلقي الرعب في القلوب التي تصل عند غير المعتادين عليها الى "الحناجر"، لكن " أبو عطايا" ومن حوله اعتادوا على الأمر، فأخذوا له الاستعدادات اللازمة . "الاستعدادات اللازمة " للمرابط الفلسطيني لا تتعدى الانبطاح على الأرض خلف ساتر ترابي أو حجر بالكاد يخفي جسد المرابط الممدد على أرض قاحلة، والانتباه لكل حركة قادمة من صوب الشرق نحو الأراضي الفلسطينية . ويرابط المقاتلون الفلسطينيون خلف أخر نقطة سكنية فلسطينية، اذ يكون بينه وبين مواقع الاحتلال والياته بضعة مئات من الأمتار فقط، وهي مسافة مفتوحة عن آخرها أمام أعين قوات الاحتلال . فقد جرفت قوات الاحتلال على مدار أحد عشر سنة أكثر من مليون شجرة كانت تمثل حاجزاً طبيعياً تحجب الرؤية عن الاحتلال، الذي لا يحتاج جنود الى مزيد من الانتباه لاكتشاف أية حركة فلسطينية . عندما اقترتب حركة الدبابات أكثر وأكثر من المكان الذي نقف فيه، حيث بدت الدبابات في الخط المقابل لنا من السياج الحدودي، أرسل المرابط المسؤول عن الاشارة بجهاز اللاسلكي المعلومة الى غرفة "العمليات المركزية "، التي بدورها قامت على الفور بتعميم الإشارة إلى كل المجاهدين عن التحرك الملحوظ للدبابات لأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر . وتقيم قوى المقاومة غرف العمليات المركزية خارج المناطق الحدودية، في عمق المدن لمنع شل حركتها " دورها مركزي في توجيه المرابطين على الارض وفي توجيه المعركة مع العدو عن بعد "، حسب المرابط " ن" الذي يتولى الاشارة في مجموعة مرابطي الالوية . ويقول " أبو عطايا" إن كل تخصصات ألوية الناصر العسكرية تشارك في عملية الرباط ( سلاح المدفعية، وسلاح  الدروع، والإشارة، والقناصة، الاستشهاديين، والدعم والإمداد.. ) . ويوضح، المرابطون يعملون وفق أربعة إلى خمسة نقاط رباط (خطوط قتالية)، وهي خطوط يحدد كل ذراع مقاوم عددها على الأرض وفق إمكانياته، ويشير إلى أن الألوية تعمل وفق أربعة خطوط رئيسة في الرباط. ويبين " أبو عطايا" أن الخط الأول، يعد الأهم من بين كل الخطوط، إذ، يخصص للاستشهاديين من المرابطين الذين يتحصنون في "كمائن الاستشهاديين "، وهم في الخط الأول مع العدو، وهو خط تمنع قوى المقاومة أي من غير المخصصين له من الاقتراب منه مهما حصل، وذلك لخطورة النقطة المتقدمة، وللحفاظ على سرية الكمين الاستشهادي، وعلى سلامة المرابطين الاستشهاديين كذلك . ويخصص الخط الثاني من خطوط الرباط لسلاح المشاة، ثم الخط الثالث لسلاح المدفعية، وهما الخطان المسموح الوصول إليهما، لمن توافق المقاومة على استضافته، ويتولى خط المدفعية قصف قوات الاحتلال بالمدفعية بكثافة نارية عالية لمشاغلته عن الاستشهاديين والمشاة، ليتمكنوا من إيقاع خسائر في صفوف الاحتلال، فيما يختص الخط الرابع لسلاح الدفاع الجوي، وهو سلاح يكون بعيد عن المناطق الحدودية، ويتصدى لطائرات الاحتلال بالأسلحة النارية المتوفرة لدى المقاومة . ويضيف " أبو عطايا" يتخذ المرابطون القناصة أماكنهم المحكمة ؛ وهم وفق الرجل من أهم المرابطين على الجبهة لدورهم البارز في قنص العديد من جنود الاحتلال على مدار سنوات المواجهة العسكرية " إنك توقع خسائر في صفوف العدو بأقل الرصاصات". ويؤكد الناطق باسم الألوية أن المرابطين يغطون كل المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية من القطاع خصوصاً في ساعات الليل " كل فصيل من فصائل المقاومة يتولى مسؤولية الرباط في مناطق محددة متفق فيما بيننا على الرباط فيها مسبقاً ". ويتابع " بيننا تنسيق ميداني مع كل قوى المقاومة التي يرابط مقاتلوها على الأرض "، وهذا التنسيق تجد نتائجه في هذا التنظيم المحكم على طول حدود القطاع، وكذلك تجد نتائجه في الخسائر التي نوقعها في صفوف العدو. يرفض تقدير أعداد المرابطين من فصيله أو من فصائل المقاومة الأخرى، في ساعات الليل أو النهار، ولكنه يجزم أنهم يسيطرن على كامل الحدود . ولألوية الناصر إلى جانب سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، وكتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، حضور قوي في ميدان الرباط، وهو حضور يختلف حجمه البشري وإمكانياته التسليحية من ذراع إلى أخر . ويقول " أبو عطايا" إن رصد المرابطين يكون في اتجاهين، وليس فقط في اتجاه مراقبة توغل الاحتلال الى الأراضي الفلسطينية، بل يكون دورهم كذلك في مراقبة مواقع الاحتلال ومراكمة المعلومات حولها، للاستعانة بها في تنفيذ المقاومة عملياتها النوعية ضد هذه المواقع والآليات العسكرية . ويقر الرجل بضعف السلاح وضاءلته أمام قوة سلاح العدو ووفرته، لكنه يؤكد أن مجابهة الخلل في الميزان التسيلحي تتم بالروح المعنوية العالية المتوفرة للمقاومين من الزاد الايماني الذي يتحصن به المرابطون، خصوصاً في ساعات الرباط التي " يكون فيها المرابط أقرب الى "الله" من أي وقت أخر "، ويضيف " من يخرج من بيته وفي نيته الاستشهاد في سبيل الله يكون متصلاً بالله في هذه اللحظات الفارقة ". بعد خمسين دقيقة كان علي التحرك لمغادرة المكان فوراً تحسباً من عمليات لجيش الاحتلال، وفي طريق العودة يؤكد " أبو عطايا" أن للرباط على الثغور " متعة " لا مثيل لها " انها متعة الرحلة الايمانية " التي يزاحم عليها الكبار من القيادات قبل الصغار من المقاومين . تقرير : على البطة / الحقيقة الدولية