Menu

الخطر في الفكر الصهيوني بدون تجميل... بقلم : عائد الطيب

الخطر في الفكر الصهيوني بدون تجميل   بقلم : عائد الطيب ( إسرائيل لن تستجيب لأي مبادرة تتضمن عبارة حدود 1967 م ) , جملة حاسمة وباترة عنجهية جاءت على لسان ما يسمى رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو , هذه الجملة تحمل في ثناياها الكثير والكثير من ملامح وطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني , جملة تؤكد على عبثية المفاوضات وعدم جدوى المبادرات بكافة أنواعها وتوجهاتها ومسمياتها , هذه الجملة ليست غريبة ولا مستهجنة عن الفكر الصهيوني الذي يعتبر أن العالم كله يجب تسخيره لتحقيق أهداف الفكرة الصهيونية نظريا وتطبيقيا , الفكر الصهيوني – إذا ذكر – كان مرادفا للعنصرية والجرائم الوحشية وقتل النساء والأطفال بدماء باردة و سرقة الأرض واستلاب هويتها  وحتى التاريخ لم يسلم من محاولات التدليس والتزوير والتزييف المحمومة والمتواصلة .   الفكر الصهيوني يعتمد في إحدى أهم أدواته على خلق الأمر الواقع وفرض الرؤية – إن جاز التعبير – بكل الوسائل المتاحة , والمؤكد هنا أنه لا أهمية بمكان لإنسانية هذه الوسائل أو طهرها , المهم هو الهدف الذي يجب تحقيقه والوصول إليه حتى لو كان الثمن اشتعال الكون بأكمله لا يهم , الهدف الصهيوني لزام على كل العالم تقديسه وبذل الغالي والرخيص لعدم عرقلته ولو قيد أنملة أو تأخيره ولو للحظات و إلا فالتهم جاهزة والقانون الدولي تعاد صياغته ليتوافق مع الفكر الصهيوني بأحقيته في ارتكاب كل الموبقات والجرائم بلا رادع ولا مجرد تلويح بعقاب أو حتى همسة عتاب .   نتنياهو يرفض كل أشكال الحلول التفاوضية ويأبى مجرد الاعتراف أن هناك حقوق لأصحاب الأرض الشرعيين  , نتنياهو يدرك تماما أنه مهما قال أو فعل فلن يجد من يوجه إليه أي نقد طالما أن العالم تحكمه القوة الواحدة اقتصاديا وعسكريا و سياسيا و حتى ثقافيا , هذه القوة المتمثلة في أمريكا والتي كشفت عن وجهها السافر بالشراكة و الرعاية الكاملة والمتكاملة والفاضحة  مع الكيان الصهيوني , أمريكا أصبحت مصدر التهديد الأول على القضية الفلسطينية خاصة وعلى العالم عامة , فتمارس كافة أنواع الإرهاب وتنتهك حرمات الدول وتقتل وتغتال وتدعم رأس الإرهاب الكيان الصهيوني , أمريكا تجير كل إمكانياتها ونفوذها في العالم لحصار بقعة جغرافيا صغيرة جدا ( قطاع غزة ) وتهدد بمنع فتات عن شعب تمارس ضده أبشع الجرائم الإنسانية والتي تأنف حيوانات الغاب عن ارتكابها في حال توجهه إلى الأمم المتحدة لاستجداء اعتراف دولي بكيان فلسطيني محاصر مفكك الأجزاء غير قادر على حماية نفسه  في خطوة هزيلة لا تمثل شيئا أمام الصلف والغرور الصهيوني والجبروت الأمريكي  .   عودة للفكر الصهيوني ويحضرني صورة كاريكاتورية بمشهد لعربي يمتطي حمارا فيأتي صهيوني ليطلب منه دعني أركب معك حمارك وبعد سير وجيز يقول الصهيوني لقد تعب حمارنا وبعد سير وجيز سير يقول الصهيوني لقد تعب حماري فانزل عنه أيها العربي, صورة تؤكد على مدى خبث وحقارة هذه الفكر العنصري وكلما طال الوقت فإن الصهاينة لن يكتفوا بما بين أيديهم بل بالعكس سيطلبون المزيد والمزيد حتى ورقة التوت , الفكر الصهيوني لمواجهته يجب العودة لفكر ونهج أكثر صلابة وقوة , فكر لو تمسكنا به فلن ينال منا أي عدو ولا فكر ولا ضغوط ولا تهديدات ولا قتل ولا أي شئ , فكر نسود به يكون قادر على الابتكار ووضع البدائل القادرة على الخروج من النفق المظلم الذي اخترناه طوعا بابتعادنا عن فكرنا ونهجنا الإسلامي الأصيل ,   إن الأسباب التي دعت نتنياهو للقول أن سيرفض أي مبادرة تحتوي على كلمة حدود 1967م كثيرة ومتنوعة والحديث عنها يطول ولكن سنحاول اختصارها في عدة نقاط :- -   غياب رؤية عربية- إسلامية لإدارة الصراع مع الكيان الصهيوني , والمتابع يلاحظ تباين المواقف بين الدول العربية والإسلامية في طبيعة العلاقة مع الكيان الصهيوني فهناك من ينادي بالتطبيع وهناك من يرفض المقاومة وهناك ينادي بالمفاوضات والرهان على أمريكا والمحصلة النهائية وهن وغياب واضح عن ساحة التأثير وفرض الأهداف -   غياب رؤية فلسطينية موحدة وغياب برنامج فلسطيني يكون أساسه الوحدة على أساس نهج المقاومة كخيار وحيد لتحديد طبيعة العلاقة مع الكيان الصهيوني -   الفشل في القفز عن حالة الانقسام على أرض الواقع فلا زالت الخلافات تراوح مكانها بين الفرقاء حول اختيار رئيس وزراء للحكومة الفلسطينية العتيدة مما أعطى الانطباع بعدم جدية النوايا للقفز عن هذه الحالة والتفرغ التام والأمين للمعركة المصيرية و الأهم مع العدو الصهيوني . -   ثقة الكيان الصهيوني في حالة الشلل الاختياري و العجز الطوعي التي تلف العالم العربي مما يسهل الأمور ويمنحه المناخ لتطوير أطماعه وتحقيق أهدافه -   الدعم الأمريكي الداعر والفاضح للكيان الصهيوني والتلويح بالعقوبة والموت لكل من يجرأ على مجرد قول ولو كلمة عتاب حنونة في حق الصهاينة   إن الخطر يتعاظم ويشتد فبالأمس أرض فلسطين التاريخية التي اغتصبت في العام 1948م و اليوم أرض 1967م , الكيان الصهيوني يهدف لإنهاء قضية الأرض والاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني , ليستكمل بعد ذلك خطوة أخرى برفض عودة اللاجئين وتفريغ الأرض الفلسطينية من كامل سكانها الأصليين في خطوة تسير مع شطب الهوية الإسلامية عن فلسطين بتهويد المقدسات وحتى أسماء الشوارع و البلدات وتسطير تاريخ صهيوني كاذب ليتوافق مع فكرة يهودية الدولة لتستكمل النظرية الصهيونية حلقاتها وتتحقق كامل أهدافها لتنطلق من فلسطين لتصبح من النيل إلى الفرات كما حلم حكماء بني صهيوني .  إن تصريح نتنياهو القادم سيكون ( نرفض أي وجود فلسطيني على أي شبر من النهر إلى البحر ) طالما بقى الحال كما هو وظلت حالة الغيبوبة تلفنا    و لم نعد إلى وعينا و لم نستحضر ذاكرتنا التي سادت العالم , لزاما علينا أن نعي أن الصراع مع الصهيوني هو صراع وجود , إن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع عقائدي ولا داعي لأي مسميات أخرى لتجميل طبيعة الصراع , فصراعنا مع العدو الصهيوني يعني وجودنا لا وجودهم , صراعنا يعني أن هناك وعدا ربانيا لابد له من التحقق .