Menu
هل تعطل"عسكرة"الثورة الليبية حركة التغيير في العالم العربي؟

هل تعطل"عسكرة"الثورة الليبية حركة التغيير في العالم العربي؟

قــــاوم- ليبيا اليوم :  حين تسأل الناشط والمعارض الليبي حسن الأمين عن صحة المعلومات التي تقول بأن الصراع في ليبيا أخذ بعدا مناطقيا، بمعنى منطقة شرق مناهضة على الدوام لنظام العقيد القذافي ومنطقة غربية مؤيدة له، يجيبك بغضب: عن أي شرق وغرب تتحدث؟ فالصراع الدائر الآن في ليبيا، حسب رئيس تحرير موقع ليبيا المستقبل، يدور بين "الشعب الليبي بغالبيته العظمى وبين ما تبقى من نظام القذافي". ويضيف الأمين الذي يدير موقعه الاليكتروني المعارض من لندن، في حوار مع دويتشه فيله، بأنه "لا وجود لهذا الادعاء على الإطلاق؛ فالثوار يسيطرون على  ما يقارب تسعين في المائة من ليبيا، من غربها وشرقها وجنوبها".  كما يرفض المعارض الليبي حسن الأمين ما حذرت منه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أي خطر انزلاق ليبيا نحو حرب أهلية أو تحولها إلى نموذج دولة فاشلة كالصومال. إذ لا توجد، حسب الأمين، معطيات على أرض الواقع في ليبيا تسمح باندلاع حرب أهلية على الإطلاق. فمعظم مدن ليبيا محررة كما أن معظم قبائلها لم تعد تخضع للقذافي و"المناطق المحررة تدارمن قبل لجان محلية غاية في التنظيم، مقابل مليشيات ومرتزقة تأتمر بأوامر أولاد القذافي"، ومن هنا يعتبر "الحديث عن حرب أهلية أو صوملة مغالطة كبيرة لا تمت إلى الواقع بصلة".  من المسؤول عن "عسكرة" الثورة الليبية ؟ لكن كيف انزلقت الحركة الاحتجاجية الليبية إلى منحى عسكري؟ وكيف تحولت المظاهرات السلمية التي انطلقت، في السابع عشر من الشهر الماضي، في عدة مدن ليبية إلى حرب جبهات؟ السبب، برأي الأمين، يعود إلى "طبيعة نظام القذافي الدموي التي كشفناها قبل سنوات ولم يصدقنا أحد؛ وها هو الآن يخرج على حقيقته ويطلق ميليشياته على المدنيين". ويضيف الأمين بأن القذافي قام بإضعاف الجيش الليبي وتفكيكه وعزل قادته الوطنيين واعتقالهم وحتى قتلهم. وبالتالي لم يعد الحديث عن جيش وطني ليبي بل عن ميليشيات عسكرية يقودها أبناؤه؛ وهو ما أعطى للقضية الليبية بعدا آخر يختلف تماما عما جرى ويجري في كل من تونس ومصر.  وبدوره يرى الباحث والناشط السعودي عبد العزيز الخميس بأن الوضع في ليبيا يختلف تماما عن التجربتين المصرية والتونسية. ويضيف الخميس، في حوار مع دويتشه فيله، بأن المؤسسة العسكرية في كل من وتونس ومصر "مستقلة ولا تدين بالولاء إلا لنفسها كمؤسسة وهي تنتج الزعماء، بينما الوضع في ليبيا مختلف تماما لأن الزعيم هو من يتحكم بالجيش ويفعل به ما يشاء". فقد سيطر القذافي على الجيش وحوله إلى "مؤسسة ضعيفة وأوجد بدائل عنها من خلال تأسيس كتائب ومليشيات خاضعة لأوامر أولاده، ولما آن الأوان لم يتمكن الجيش من أن يفرض إرادته ويضع حدا للقذافي، كما فعل الجيشان المصري والتونسي مع مبارك وبن علي".  "تأثير سلبي على حركة التغيير العربية" وبالرغم من أن الخميس، وهو رئيس المركز السعودي لحقوق الإنسان، يقول بأن لا أحد يصدق ادعاءات القذافي بأنه يخوض حربا ضد مسلحي القاعدة وليس ضد غالبية الشعب الليبي، فإنه يشدد على أن "الطابع العسكري الذي أخذته الثورة الليبية سيترك آثارا سلبية على حركة التغيير في الدول العربية الأخرى". فثمة تشابه بين الوضع في ليبيا وعدد كبير من الدول العربية، وخصوصا السعودية؛ بمعنى أن "الجيش ليس قوة عسكرية مؤهلة للتدخل مقابل وجود كتائب خاصة قوية تابعة للملك شخصيا ولأولاده كالحرس الوطني الملكي".   ويكشف الخميس بأن العائلة المالكة السعودية سارعت إلى استغلال التحول الذي حصل في الثورة الليبية لإخافة معارضيها والمطالبين بإجراء إصلاحات في البلاد. فقد تم توزيع رسالة هاتفية على الجوال على نطاق واسع، ويعتقد أن الجهات الأمنية تقف وراءها، تحذر من وجود أي قلاقل أو تظاهرات لأن ذلك سيؤدي إلى انفلات أمني كما حدث في دول أخرى، والمقصود بالطبع ليبيا. وتضيف الرسالة، حسب الخميس، بأن هناك سبعة ملايين أجنبي يمكن أن يعبثوا بأمن البلاد إذا حصل أي يتحرك، وهذا "تهديد واضح وتحذير من تكرار النموذج الليبي لو لجأ الإصلاحيون إلى الشارع".  "التغيير قادم رغم كل شيء"  كما يحذر الخميس من نقل السيناريو الليبي إلى اليمن، لأن "عسكرة" الحركة الاحتجاجية في اليمن ستؤدي إلى "حصول مجازر كبيرة تتجاوز في بشاعتها ما شهدنا ونشهده في ليبيا". فالشعب اليمني كله مسلح واستطاع نظام علي عبد الله صالح الإيقاع بين القبائل بحيث "تعتقد كل قبيلة بأنها مهددة من قبل قبيلة أخرى". لكن هذه الصورة القاتمة التي يقدمها الخميس، لا تعني برأيه "أن حركة الاحتجاج في العالم العربي ستنحصر أو سيُطاح بها. فالتغيير قادم وإن مرت حركته بانعطافات ومنعرجات قد تكون مؤلمة كما هي الحال في ليبيا الآن".  وحتى دولة محافظة كالسعودية لن تفلت من رياح التغيير رغم كل محاولات الأسرة الحاكمة هناك، يقول الخميس. "فإذا أرادت الأسرة المالكة السعودية أن تبقى في سدة الحكم فما عليها إلا الرضوخ لمطالب الحركة الإصلاحية". ويشارك الباحث اللبناني المقيم في ألمانيا رالف غضبان الخميس تفاؤله، لأن "التغيير الذي انطلق من تونس انتقل إلى مركز الثقل في العالم العربي، أي مصر؛ وبالتالي فإن الباب قد انفتح ولن يغلق مرة أخرى".