Menu
لبنان.. موقوف ثالث في قطاع الاتصالات بتهمة التجسس للاحتلال

لبنان.. موقوف ثالث في قطاع الاتصالات بتهمة التجسس للاحتلال

قـــــاوم- وكالات : وكرّت سبحة التوقيفات في قطاع الاتصالات. يبدو أنها تتوسّع بحجم «الاختراق الاستراتيجي» الذي كانت الاستخبارات الصهيونية قد حققته خلال السنوات الماضية في قطاع الاتصالات اللبناني. فبعد شربل ق. وطارق ر.، أوقفت مديرية استخبارات الجيش مساء أمس موظفاً سابقاً في إحدى الشركتين المشغّلتين لشبكتي الهاتف الخلوي، للاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الصهيونية. وفيما رفضت مصادر أمنية وعسكرية كشف أي معلومات عن الموقوف الجديد، فإن مصدراً مطلعاً على أوضاع قطاع الاتصالات أشار إلى أنه كان موظفاً في شركة «ألفا»، قبل أن يترك الشركة في وقت لم يحدده المصدر، مشيراً إلى أنه كان دائم السفر إلى أوروبا ودول عربية. شركة «ألفا» لا تزال ساحة رئيسية لعمل مديرية استخبارات الجيش، التي يجري محققون منها تدقيقاً شاملاً في الشبكة الداخلية للشركة، إضافة إلى أنهم طلبوا معلومات مفصلة عن كل العاملين فيها، من ضمنها التوصيف الوظيفي لكل منهم، والقدرات التقنية التي تتيحها لهم الأنظمة المعمول بها في الشركة، أو تلك الممنوحة لهم بحكم «الأمر الواقع».  وتستكمل مديرية استخبارات الجيش تحقيقاتها مع الموقوف طارق ر، الذي يتكامل عمله في شركة «ألفا» مع وظيفة زميله الموقوف شربل ق، بحسب مسؤول معني بمكافحة التجسس. فالأول مسؤول عن تحديد أماكن توزيع محطات الإرسال وعن مواصفاتها وقدرات البثّ منها، فيما يتولى الثاني صيانتها. والاثنان معاً، يملكان من المعلومات التقنية ما يجعل منهما كنزاًَ معلوماتياً للأجهزة الصهيونية، يمكنها من قراءة الشبكة الخلوية بكل تفاصيلها، على حد قول معنيين بالقضية. ولفتت مصادر مطلعة على أوضاع قطاع الاتصالات إلى أن شبكتي الهاتف الخلوي تفتقران إلى أدنى مقوّمات الأمان. وكشف المصدر، على سبيل المثال، عن أن توقيف الموظف في شركة «ألفا»، شربل ق. كان يوم 24 حزيران 2010، إلا أن قدرة الدخول عن بعد إلى بيانات الشركة وبرامجها (من خارج مباني الشركتين ومن أي مكان في العالم) لم تُحجَب قبل يوم 30 حزيران 2010! ولفت المصدر إلى أن الدولة اللبنانية لم تأخذ معيار أمان الشبكتين عند اختيارها للشركات المشغلة لها، كذلك فإنها لا تدقق في مدى التزام هذه الشركات بمعايير سلامة البيانات وخصوصيتها، فضلاً عن عدم تدقيقها (الأمني والوظيفي) بالكادر البشري المشغّل لهذه الشركات. وحضر ملف «موقوفي الاتصالات» أمس في مجلس النواب، حيث أثار القضية في مداخلته رئيس لجنة الإعلام والاتصالات البرلمانية النائب حسن فضل الله الذي أكد أن «المعطيات التي توافرت من الجهات المعنية (تشير إلى) أن قطاع الاتصالات خاضع للتحكم الصهيوني عن بعد»، مشيراً إلى أن لبنان يواجه اليوم «أخطر عملية تجسّس». وأعرب فضل الله عن اعتقاده بأن «هذا الأمر يستحق استنفاراً»، سائلاً: «ألا يستحق عقد جلسة طارئة للحكومة للاستماع إلى هذا الاجتياح والاستباحة الصهيونية لهذا القطاع؟ هل حدّدت الحكومة حجم الأضرار التي لحقت بهذا القطاع؟ هل كوّنت الحكومة ملفاً عن هذا العدوان الإسرائيلي؟ ألا يستحق هذا الأمر استنفاراً دبلوماسياً؟». وقال فضل الله: «إننا لم نرَ موقفاً على مستوى هذا العدوان الإسرائيلي بمعزل عن الإجراءات الأمنية».  رئيس الحكومة، سعد الحريري، انبرى للرد على فضل الله، مؤكداً في مداخلة قصيرة، ومرتبكة لغوياً، أن الحكومة «تقوم بعملها». كرّر الحريري هذه العبارة أكثر من مرة. وبدلاً من طمأنة المواطنين إلى وجود خطط وبرامج لتطويق الاختراق الإسرائيلي في واحد من أخطر القطاعات الأمنية والاقتصادية اللبنانية، أدلى الحريري بـ«رأيه». وفي رأيه، فإن الحكومتين الحالية والسابقة حققتا «إنجازات من خلال الكشف عن هؤلاء العملاء». أما متابعة القضية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، فقد أنجزتها الحكومة أيضاً، من خلال إرسال وفد عسكري للتحدث عن الخروق الصهيونية للقرار 1701. وبحسب رئيس الحكومة، فإن «هذا الموضوع يحتاج الى سرية. هناك عملاء هربوا وننتظر اللحظة للقبض عليهم». لم يذكر ما إذا كانت السلطات اللبنانية قد بدأت بالبحث في السبل الآيلة إلى استرداد هؤلاء. ولم يأتِ على ذكر الاختراق الصهيوني لقطاع الاتصالات، بل رأى أن المشكلة تكمن في «التعامل السياسي» و«التعاطي بالإعلام» مع هذا الملف. و«التعاطي بالإعلام» هو ما أدى إلى فرار عدد من العملاء، بحسب ما يقول رئيس الحكومة.  الحريري حريص إذاً على السرية. إلا أنه، من حيث يدري أو لا يدري، كشف طريقة توقيف العملاء. قالها بالفم الملآن: «بيانات الهاتف الخلوي» تمكّن الأجهزة الأمنية من كشف شبكات التجسّس. وفي ألفباء مكافحة التجسّس، يمكن كشف كل شيء، إلا سر كشف الجواسيس.  نقطة رئيسية لفت إليها الحريري في مداخلته أمس، هي أن الإنجازات التي تحققها الأجهزة الأمنية تعود إلى سبب رئيسي مؤداه أن ما تطلبه هذه الأجهزة توفره الحكومة! ربما لم يتناهَ إلى مسامع دولة الرئيس أن مكاتب إحدى أهم القطعات الأمنية في البلاد موجودة في منازل جاهزة، شبيهة بتلك التي يستخدمها مهندسو وعمال ورش البناء في مواقع عملهم مؤقتاً.